23 December, 2010

خواطر كحولية


إنتهيت مؤخراً من عمل فني مع المخرج عمرو الطوخي، بُذلت فيه جهود كبيرة، وفكرة مبدعة كنت ومازلت متحمس لها كثيراً. في الدرجة الأولى تم تنفيذ هذا العمل ليكون جزء من معرض صني للفنون، لكن حدث وأن هذه الفكرة لم تر النور في المعرض عندما علمنا بالصدفة أنّ المعرض سيقدم المشروبات الكحولية، فكانت ردة فعلنا التلقائية هي الإنسحاب. تهافتت الردود بغزارة عندما كتبت وسائل الإعلام، الشيء الذي لم أتوقع أن يحدث لمجرد طرح موضوع مثل الكحول، الذي أثار عدة إفرازات غير متوقعة، وتمّ تحويله من البعض ليتخذ الاتجاه الديني، وتم ربطه من آخرين بالتحرر أو التخلّف، وبطبيعة الحال غالبية الردود كانت من أشخاص يتناولون الكحول

وصدقاً أنا لم أتأثر بأي شيء لأن موقفى دائماً ثابت في هذا الموضوع، لكن الظاهر أنّ متناوليين الكحول، قد تجاهلوا تماماً تفاصيل الموقف لمجرد قرائة كلمة "كحول" ولم يتذكر أحدهم أنني فضلت الانسحاب لأنني لا أرغب أن تكون الكحول جزء من مشروعي، وأن إدارة المعرض لم تعلمنا ذلك بالمقام الأول، وتم نسيان أنها موجودة من حولي في كل مطعم ومتجر وجلسة. هذا الوجود للكحول، وكونها متاحة قانونياً، لم ولن يغير أي شيء بالنسبة لي، فأنا لا أتناولها ولا أحبها. هل تعتقد أن إسمي (محمد) وديانتي (الإسلام) هما السبب؟ لو كان إسمي (ماثيو) وديانتي هي (المسيحية) هل سيكون لديك نفس الانطباع؟

ماثيو هو صديق أمريكي، يعيش متجولا في أوروبا. هو أيضا لا يحب الكحول، ويتفق معي تماما في الأسباب... ولكن لماذا في معظم الأحيان أواجه تعصب وغضب شديدين من اي شخص في بلدنا، أو حتى عربي، يتناول الكحول، عندما اقول له انني لا احبها، او عندما يفاجئ بأن عملي في المجال الابداعي ولا اشربها؟ غريب مع انني ابدي رايي فقط بسائل مصنّع، وليس بشخصه أو ديانتة أو هويتة؟ نفس الرأي أبديه في فرنسا لشخص آخر، استيقظ من سكرته، وسألني لماذا لا أشرب؟ جاوبته، فابتسم بحسره وقال: أنت محظوظ جداً. ماثيو أيضا يبدي نفس الرأي لكريستين اللتي تشرب كثيراً، هي تجاوب: لديك الحرية بأن تقول ذلك، لكن انا لن أقلع عن الشرب! هو يحب كريستين لأنها صديقته المقربة، و قد تعرضت لوعكات صحية بسبب شرب الكحول، مع العلم أنه غير متدين على الإطلاق

حقيقةً أنا أشعر بالغيرة من ماثيو وكريستين والشخص الفرنسي، لأنني مدرك تماماً أنني لا أستطيع أن أحصل على مساحة من الحرية لأعبر عن رأيي هنا في بلدي، فأين هي حريتي عندما ابدي رأيي لشخص يتناول الكحول، فيهاجمني وكأنني شتمت ابوه وامه وعقيدته! انا لست إلهاً أو رقيبا على أي أحد، قريباً كان أو بعيد، فليشرب من يشرب، لكن دعوني أعبّر عن رأيي، لماذا الهجوم؟

الكحول بالنسبة لي سائل مخدّر، أنا لا احب المخدرّات، لا احب التدخين، أكره كل شيء يجعل الانسان ذليلاً لسلعة، مدمناً عليها. الانسان بالنسبة لي شيء مقدّس، كريم وكرامة، أين هي الكرامة عندما أذل نفسي لكأساً أو سيجارة؟ نعم أعترف بأن أجندة تجّار الكحول نجحت تماماً عبر التاريخ في نسج أهميتها للحياة وللأحلام السعيدة، ونجحوا بأن يجعلو كثير من الناس تحترق بنيران شهوتها عندما يأتي أوانها، حتى يضمنوا ملياراتهم، بل ونجحوا أيضاً في نشر مقولة أن بعض المشروبات الكحولية صحية، مثل أنً البيرة مفيدة جدا، والنبيذ ممتاز للقلب، وليس ماء الشعير في البيرة أو الخل في النبيذ هما المفيدان

شعرت بالخجل عندما قال لي أحد الأصدقاء الإسبانيين في زيارته لعمّان: سافرت العالم ولم أجد في حياتي ناس يتعاملون مع الكحول ويسيئون استعمالها مثل الأردنيون واللبنانيون

الكحول بالنسبة لي فقط منتج إستهلاكي لا اتناوله ولا أُحبه ، هل تعتقد أن موقفي هذا يخدش الحياء أو المعتقدات؟ هل الكحول هي معيار للثقافة والحرية والعقل المتفتح؟ وهل اصبح تقييم الناس لدى البعض مبني على شربها او عدمه؟

هل يجب أن أسكر وأستيقظ إنساناً محبطاً أكره الحياة وأكره نفسي، وأظل كئيب على الأقل لمدة 30 ساعة، لا أستطيع أن أستحمل صداعا أو ضوء الشمس؟ وفي حال كنت مدمنا على الكحول، لربما سأكون إنسان ضائع بلا هدف في الحياة، ألقي بفشلي على الظروف وأعتقد أن حظي سيء. لم أفكر بأي إساءة وجهتها لأي شخص، أو بسر صديق أفشيته من أول كأس، بعد أن أعطاني كل ثقته، فأنا لا أذكر اي شيء حصل، ولم أفكر بالشخص الذي أحبه؟ أو ربما بالزوجة اللتي ضربتها أو خنتها دون وعي؟ أو حتى قتلتها؟ ام انني قد أستيقظ مشوّه في حادث سياّرة أو حتى لا أستيقظ للأبد؟ أو ربما لا أتذكر بأننني كنت أتبول كل 10 دقائق في اي مكان كان وأمام أي شخص حتى لا تنفجر مثانتي! أو أنني تقيأت أكثر من مرة وتقززّ كل من حولي. أو لربما نسيت أن أصور نفسي بالفيديو لأشاهد شخصا لا يستطيع أن يدرك كلماته الغير مفهومة أو حتى يستطيع أن يرقص على إيقاع الموسيقى

لن يجبرني أحد أن أضر جسدي وجيبي ومن أُحب! وسيقول البعض أن الشرب الكثير هو السبب، وليس القليل؟ ولماذا يجب علي يا صديقي، يا متديّن أو غير متديّن، أن أقبل الكحول اللتي تأتي بكل ذلك، القليل منها أو الكثير؟

13 December, 2010

s-f-e-a-r

Updates: They pulled in wine, we pulled out the art!
"Team behind “SFEAR” film experiment pulls out of Sunny Art Fair"
It was such a crazy experience :) I can't wait!